مجرد إلقاء نظرة واحدة على قائمة المرشحين للفوز بجائزة كرة FIFA الذهبية هذه السنة، يعرف المرء أن جودة الأداء في كرة القدم – بعد انقضاء عام كامل – لا تزال مقترنة باسم نفس النادي: برشلونة. وإذا حولنا أعيننا إلى قائمة المرشحين لجائزة FIFA لأفضل مدرب في العالم، يتبين لنا أن هذا الفريق العريق يتمتع باستقرار المستوى من الناحية التكتيكية أيضاً.
ومن بين العشرة المرشحين لنيل جائزة التدريب يوجد سبعة ممن شملتهم قائمة 2010. وهم يستحقون هذا بالفعل لأسباب كثيرة قوية نجدها في أدائهم سواء مع الأندية أو مع المنتخبات.
فبطل العالم الذي احتفل بالكأس مع المنتخب الأسباني في جنوب أفريقيا 2010 فيسنتي ديل بوسكي لم يكتف بهذا النصر التاريخي الذي حققه، بل اندفع بكل قوة مع فريقه الأحمر المتألق في تصفيات كأس الأمم الأوروبية 2012 UEFA، وحجز مكانه في بطولة أوكرانيا وبولندا عن جدارة واستحقاق، بعد مسيرة رائعة حقق فيها الماتادور ثمانية انتصارات من أصل ثماني مباريات وسجل 26 هدفاً مقابل 6 فقط استقبلتها شباكه.
لكن رغم كل ذلك، لا نستطيع أن نقول إن أداء الأسبان لا مثيل له؛ لأن مدرباً آخر ممن نافسوا على الجائزة الكبرى سنة 2010 مسلحاً بأداء فريقه في بطولة العالم ما زال يواصل التقدم من نصر إلى نصر، وهو الألماني يواكيم لوف. ويالها من حملة تلك التي خاضها في التصفيات الأوروبية: لقد استطاع ذلك المنتخب الشاب الذي سحر أنظار العالم في جنوب أفريقيا بأدائه الهجومي السريع أن ينهي منافسات المجموعة الأولى في التصفيات وفي جعبته 30 نقطة جمعها من 10 مباريات، وأحرز 34 هدفاً، وتلقى سبعة فقط.
وما دمنا نتحدث عمن أبدعوا في جنوب أفريقيا 2010، فلا بد من أن نذكر رجلا آخر بلغ نصف النهائي وأكد في 2011 أن ذلك لم يتحقق عن طريق المصادفة، وهو أوسكار تاباريز، الذي أشعل حماس شعب أوروجواي عندما فاز مع السيليستي بالمركز الرابع على العالم، وسرعان ما بسط هيمنته على أمريكا الجنوبية في الأرجنتين مطلع هذا العام، حين هزم باراجواي 3-0 في نهائي كوبا أمريكا ليفوز باللقب القاري الغالي لأول مرة منذ 16 سنة.
عمالقة الأندية
بعد أن جذبت ديربيات برشلونة وريال مدريد انتباه العالم منذ عدة أشهر، كان من المستحيل تقريبا أن يغيب جوسيب جوارديولا والفائز بجائزة أفضل مدرب في العام الماضي جوزيه مورينيو عن حفل هذا العام، وخاصة جوارديولا، الذي ظفر وهو على رأس الفريق الكتالوني بلقب دوري أبطال أوروبا UEFA للمرة الثانية، وبلقب الدوري الأسباني للمرة الثالثة. أما البرتغالي فقد اكتفى بكأس الملك، ولكن أداء المدريديين تحت قيادته في المواجهات الأسطورية أمام أقوى فريق في العالم حالياً ترك أثره لدى عشاق الساحرة المستديرة في كل مكان.
ويبقى لنا اثنان من مدربي الأندية الذين داعبتهم آمال الحصول على إحدى الجوائز في 2010، وهما يستحقان بالفعل أن تضمهما أي قائمة مماثلة منذ وقت طويل. وتكفي الإشارة للأرقام التي يحفظها سجل السير أليكس فيرجيسون مع مانشستر يونايتد. إنه يقود الشياطين الحمر منذ ما لا يقل عن 25 سنة، وصل خلالها إلى نهائي دوري أبطال أوروبا UEFA مرات عدة، كانت آخرها في 2011 وخسر فيها الإنجليز على يد برشلونة، هذا بالإضافة لدرع الدوري الإنجليزي الممتاز الذي ناله للمرة الثانية عشرة هذا العام أيضاً.
وليس ببعيد عنه آرسين فينجر، الذي سطر تاريخاً طويلاً مع آرسنال وترك فيه بصمة واضحة بفلسفته التي تعتمد على اللاعبين الشباب والكرة الهجومية. وفي 2011، حمل الفرنسي على عاتقه مهمة ضخ دماء جديدة في فريق المدفعية في حلقة أخرى من مسلسل التجديد المستمر الذي يحرص عليه منذ وصوله في 1996، دون أن تضعف قوته التنافسية أمام خصوم من أمثال يونايتد وتشيلسي والصاعد بقوة مانشستر سيتي.
مرحباً بالوافدين الجدد
وصلنا أخيراً إلى الوجوه الجديدة. ولن يكون من العسير فهم السر في أخذ هؤلاء الثلاثة لأماكن كارلو أنشيلوتي ولويس فان جال وبيرت فان مارفيك على قائمة المرشحين. فلو أن أحداً زعم في بداية الموسم أن أيا من أندية ليل أو بوروسيا دورتموند أو بورتو سيحقق النتائج التي حققها في موسم 2010/2011، لاتهمه الناس بالجنون، أو على الأقل بالمبالغة الشديدة.
لكن البرتغالي أندريه فيلاس بواس، البالغ من العمر 34 عاماً، ظهر فجأة على الساحة وجعل الكثيرين يقولون عنه إنه خليفة مورينيو، لا سيما مع هذه الشهية التي يقبل بها على الألقاب؛ حيث خاض أف سي بورتو تحت إمرته موسماً يفوق الخيال، فاز في نهايته بكأس البرتغال وبالدوري الوطني دون أن يعرف طعم الخسارة وأيضاً بلقب الدوري الأوروبي UEFA.
وبالنسبة إلى يورجن كلوب، لم يكن الحصول على درع الدوري الألماني وحده هو ما أدخله المنافسة مع عمالقة المدربين، بل الطريقة التي وصل بها مع بوروسيا دورتموند إلى القمة بعد صيام عن الألقاب دام 10 سنوات، وبفريق شاب لم يكن أحد في بداية الموسم يتوقع له أن يحقق أي إنجاز. وينطبق الأمر نفسه تقريباً على نادي ليل المتواضع، الذي يرجع تاريخ آخر فوز له بالدوري إلى موسم 1953/1954. ولذلك كان من المستحيل ألا يلفت رودي جارسيا الأنظار بما فعله مع هذا الفريق عندما فاز معه ببطولتي الدوري والكأس، وألا يكون في قمة السعادة عند معرفته بترشيحه لجائزة أفضل مدرب في العالم.
وقد كانت فرحته كبيرة بالفعل وهو يقول يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني، يوم إعلان أسماء المرشحين: "عندما أخبروني قلت لنفسي إن هذا غير صحيح. ثم غمرني شعور بفخر عظيم لأني رأيت أن كل الجهد الذي بذلته في ليل آتى ثماره على هذا النحو. إنني بالتأكيد أدين بالفضل في هذا للنادي."